الأحباش
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.
وبعد:
فقد سألني بعض الاخوة عن طائفة الأحباش وقولي فيهم؟
فأقول:
طائفة الأحباش طائفة ضالة مضلة؛
رؤوسها ودعاتها المتبصرون بكفرياتها زنادقة كفار.
أما عوامها فيتفاوتون في الحكم والحال - كل بحسب ما عنده من الكفر أو البدعة أو الجهل -
ويتشعب ما جمعته هذه الطائفة الضالة المضلة من الكفر والزيغ والضلال:
فأعظم ذلك وأخطره؛ ما يتعلق بتوحيد الألوهية والعبادة؛ حيث سوغ الحبشي لهم دعاء الأموات والاستغاثة بهم، وزعم أن الموتى يستجيبون لمن دعاهم واستغاث بهم، بل قد يخرجون من قبورهم لنجدته، وهذا هو عين الشرك الذي بعث النبيون كافة لإبطاله، والإنذار منه. وهو أعظم الذنوب على الإطلاق؛ إذ هو الذنب الذي أخبر تعالى أنه لا يغفره لمن لقيه به، فقال تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما}، {ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا}.
ومما يتبع ذلك أيضا ما يتعلق بأوثق عرى الإيمان من الولاء والبراء والموالاة والمعاداة؛ فإن هذه الطائفة معروفة بعلاقاتها الحميمة مع طواغيت الكفر في كل مكان؛ يصرحون بمودتهم وأخوتهم ونصرتهم لهم، وهذا أوضح من أن ندلل عليه، فالمتتبع لتصريحات شيخهم الحبشي وغيره من رؤوسهم يعرف ذلك يقينا.
حتى إن الطواغيت يحبون دين الأحباش ويفسحون المجال لدعوتهم ونشاطاتهم وكتاباتهم التى تدفع عن كفريات أنظمتهم وتحارب وتكفر أعداءهم من الدعاة الصادقين والمجاهدين المخلصين.
فعندنا في الأردن يدفعون عن هذه الدعوة الخبيثة، فيشددون على طباعة الكتب التي تكشف زورهم- كما عاتبوا وحاسبوا الدار التي طبعت كتاب أخينا أبي صهيب المالكي فيهم - ومنعوهم من إعادة طبعه، وكذلك يمنعون من إلقاء المحاضرات التي تفضحهم وتكشف عوارهم وانحرافاتهم، حتى إن المخابرات تدخلت عندنا بالتهديد والوعيد لأجل منع محاضرة حول الأحباش في جمعية مرخصة قانونيا.
ولا غرابة في ذلك فبعضهم أولياء بعض!
وفي مقابل ولاء الأحباش هذا لأعداء الله؛ تجدهم من أعدى الأعداء لكل موحد رباني يكفر بالطواغيت والمشركين بكافة ألوانهم وتوجهاتهم أو يسعى لجهادهم، فتراهم يكفرونه ويسلقونه بألسنتهم الحداد ويطيلونها فيه وفي عرضه شتما وسبا وتكفيرا وتفسيقا - ابتداء من شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب ونحوهم، وانتهاء بسيد قطب وأمثاله من دعاة العصر المخلصين رحمهم الله أجمعين -
والعجيب أنهم يكفرون أئمة الإسلام ودعاته المخلصين ببعض فروع الدين أو العقيدة التي يعذر الجاهل فيها، في الوقت الذي يجادلون فيه عن الطواغيت ويعدونهم من أولى أوليائهم، مع أنهم قد نقضوا توحيد الألوهية وأصل دعوة الأنبياء والمرسلين وأظهروا الشرك الصراح والكفر البواح المغلظ، الذي أضافوا إليه الحرابة والطعن في الدين!
ومن اللطائف التي تذكر في هذا المقام أنه كانت قد جرت مناظرة بين بعض إخواننا وبعض دعاتهم حول تكفيرهم لسيد قطب رحمه الله في بعض فروع الإعتقاد؛ فسألهم ذلك الأخ مختصرا للنقاش: (أنتم تكفرون سيدا لهذا السبب! فماذا تقولون بعبد الناصر - حاكم مصر الهالك -؟)، فأجابوا على الفور: (مسلم طبعا لا يجوز تكفيره!)، فاكتفى الأخ منهم في ذلك المقام تصريحهم بذلك؛ فضحا لمعتقدهم الضال ورأيهم الفاسد؛ إذ حقدهم على الدعاة المخلصين والمجاهدين لطواغيت الكفر؛ جعلهم يقدمون عليهم في الموالاة طواغيت الكفر المحاربين للدين، فجادلوا عمن نقض توحيد الألوهية وعدّوه من المسلمين، وكفروا علماء المسلمين ودعاتهم ومجاهديهم المخلصين وتبرؤوا منهم لخطأهم في بعض فروع الدين!
فهم قد وافقوا الخوارج في هذا الباب؛ إذ يحاربون أهل الإسلام ويتركون أهل الشرك والأوثان!
بل هم شر من الخوارج من وجوه عديده:
إذ أنهم لم يكتفوا في كثير من البلدان بمعاداة الدعاة والمجاهدين؛ بل قد صاروا إلبا عليهم يحرّشون حكومات الكفر بهم ويؤزون الطواغيت عليهم أزا؛ بل ويظاهرونهم على عداوتهم وفي حرب دعواتهم – وهو الشيء الذي لم يكن ليفعله الخوارج المارقين - حتى إن كثيرا من دعاتهم وأتباعهم لا يجدون بأسا أو مانعا من التعاون مع مخابرات حكومات الردة في التجسس على المسلمين ونقل أخبارهم إليهم.
وأعرف منهم شابا جندته المخابرات الأردنية لمتابعتي منذ كنت في السجن؛ فكان يزورني ويعرض علي خدماته من اتصالات ونحوها ليقوم بإيصالها من بعد إلى أعداء الله، وكان يأتيني بكتب الحبشي وأنا في السجن، وقد سمحوا بإدخالها في الوقت الذي كانت كتب علمائنا من أهل السنة لا تدخل إلا بشق الأنفس، وقد تصادر!
كما أن الخوارج كفّروا عصاة المسلمين بالمعاصي؛ وهؤلاء يكفرون الدعاة المخلصين والعلماء الربانيين! - في كثير من الأحيان - بمحض التوحيد والإيمان الصحيح! كما هو الحال في تكفيرهم علماء أهل السنة؛ كشيخ الإسلام ونحوه، وقتلهم للدعاة؛ كالشيخ أسامة القصاص وغيره، لاعتقادهم الصحيح في إثبات صفات الله تبارك وتعالى.
فلا شك أنهم شر في ذلك وأخبث من الخوارج..
ومن ضلالاتهم أيضا؛ فساد اعتقادهم في الله تبارك وتعالى، فهم جهمية ضلال قي أبواب صفات الرب تبارك وتعالى، ينكرون علو الله على خلقه واستوائه على عرشه وغير ذلك مما وافقوا فيه الجهمية، كما وافقوهم أيضا في أبواب الإيمان؛ فزعموا أن الإيمان مجرد التصديق، ومعلوم قول علماء أهل السنة في الجهمية.
فجمعوا بذلك كل شر؛ وأخذوا من كل فرقة شيئا من ضلالها ونتنها، ثم أخرجوا فرقتهم الضالة هذه إلى المسلمين؛ يدعونهم ويردّونهم بها إلى هذه الشرور.
ومن غرائبهم عندنا في الأردن أنهم يأتون إلى القرى النائية فيبدؤون أول ما يبدؤون به تعليم العجائز والعوام بتلقينهم مسائل معدودة تنحصر في "أن الله في كل مكان"، و "أنه غير مستو على عرشه"، و "أن ابن تيمية وسيد قطب كافران".
هذه دعوتهم التي اشتهروا بها، يلقنونها للكبير والصغير ممن لا يعرفون عن دينهم إلا الإسم ولا من معالمه إلا الرسم، ولا يهمهم أو يلفت انتباههم ما وقع فيه أولئك العوام من جهل وانحراف وانحلال عن الدين وعراه الوثقى؛ بل هم يزيدونهم جهلا إلى جهلهم وانحرافا على انحرافهم وتحللا إلى تحللهم.
والأنظمة الطاغوتية تدعمهم وتساندهم على دعوتهم الخبيثة الهدامة هذه، حتى صار في الدولة منهم وزراء ونواب وأسسوا جمعياتهم فاستفحل شرهم ونخروا بضلالاتهم في البلاد والعباد.
فعلى علماء المسلمين ودعاتهم المخلصين أن ينشطوا في تحذير المسلمين منهم ويجتهدوا في كشف باطلهم وضلالاتهم، فهذا من الواجبات المتحتمات على الدعاة والعلماء في هذا الزمان.
أسأل الله تعالى أن يكفي المسلمين شرر هذه الفرقة الضالة المارقة، وأن يكبت رؤوسها الضالين المضلين ويرد كيدهم في نحورهم، وأن ينصر أولياءه وجنده المخلصين، ويهيء لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة والتوحيد ويذل فيه أهل الزيغ والتنديد.
[كتبه؛ أبو محمد المقدسي / محرم 1422 من هجرة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم]