إن للحركة الماسونية تاريخ أسود بالنسبة لنا فقد كانت اليد التي تحرك (حركة الإتحاد والترقي ) التي قامت بحركة انقلابية ضد السلطان عبد الحميد الثاني –رحمه الله –ووصلت إلى الحكم ثم ما لبثت أن ورطت الدولة في الحرب العالمية الأولى مما أدى إلى تمزيق الدولة وسقوطها
لقد أفرزت ثقافة الماسون أن الطريق إلى أورشليم يمر عبر القسطنطينية ....وكانت تركيا هي المحطة الأولى في هذه المنطقة الإسلامية لإعلان هذا النشاط فلقد تأسس أول محفل ماسوني في الدولة العليةسنة1861 وكان من النتائج الخطيرة لتواجد المحافل الماسونية الأجنبية داخل الدولة احتضان حركة(الإتحاد والترقي )وهي في مرحلة المعارضة في عهد السلطان عبد الحميد –رحمه الله-بل وأصبحت المحافل هذه مكان انعقاد اجتماعات أعضاء جمعية الاتحاد والترقي بعيدا عن أعين الشرطة والدولة بكونها تحت رعاية الدول الأجنبية
وقد اعترف حديثا أحد المحافل الماسونية التركية –محفل الماسنيون الأحرار) بأنه من المعلوم وجود علاقات حميمة بين جمعية الإتحاد والترقي وبين المحافل الماسونية في تراقيا الغربية بدليل أن الذين اجبروا السلطان عبد الحميد على قبول المشروطية كان معظمهم من الماسونيين )
ويقول المؤرخ الأمريكي الدكتور (أرنست أ.رامزور)في كتابه تركيا الفتاة وثورة1908 وهو يشرح سرعة انتشار حركة الاتحاد والترقي في مدينة سلانيك لم يمضِِِ وقت طويل على المتآمرين في سلانيك وهي منطقة النشاط حتى اكتشفوا فائدة منظمة أخرى وهي الماسونية ,ولما كان يصعب على عبد الحميد أن يعمل هنا بنفس الحرية التي يتمتع بها في الأجزاء الأخرى من الإمبراطورية فإن المحافل الماسونية القديمة في تلك المدينة استمرت تعمل دون انقطاع –بطريقة سرية طبعا –وضمت إلى عضويتها عددا ممن كانوا يرحبون بخلع عبد الحميد.ثم يقول (ويؤكد لنا دارس آخر إنه في حوالي سنة 1900 قرر(المشرق الأعظم الفرنسي) أي المحفل الماسوني الفرنسي إزاحة عبد الحميد وبدأ يجتذب لهذا الغرض حركة تركيا الفتاة منذ بداية تكوينها –وكما يقول محلل آخر يلاحظ أنه يمكن القول بكل تأكيد أن الثورة التركية أي حركة جمعية الإتحاد والترقي كلها تقريبا من عمل مؤامرة يهودية ماسونية)
ويقول( سبيتسون واطسون في كتابه (نشأة القومية في بلاد البلقان ) أن أعضاء –تركيا الفتاة-الذين كانوا غرب أوروبا على اتصال دائم معهم كانوا رجالا منقطعين وبعيدين عن الحياة التركية وطراز تفكيرها لكونهم قضوا ردحا طويلا من الزمن في المنفى ,وكانوا متأثرين وبشكل سطحي بالحضارة الغربية وبالنظريات غير المتوازنة للثورة الفرنسية كان كثيرٌ منهم أشخاصا مشبوهين ولكنهم كانوا دون أي استثناء رجال مؤامرات لا رجال دولة ,ومدفوعين بدافع الكراهية والحقد الشخصي لا بدافع الوطنية ,والثورة التي أنجزوها كانت تتبع عمل مدينة واحدة وهي سلانيك ...إذ نمت فيها وترعرعت فيها وتحت حماية المحافل الماسونية جمعية الإتحاد والترقي...وهي المنظمة السرية التي بدلت نظام حكم عبد الحميد
لقد كان عهد الاتحاديين هو العهد الذهبي بالنسبة لليهود الراغبين في الهجرة إلى فلسطين , كذلك كان العهد الذهبي في فتح المحافل الماسونية في طول البلاد وعرضها في الدولة العلية العثمانية ....ويقول فتح البارودي في مذكراته واصفا دمشق بعد وصول الاتحاد والترقي إلى الحكم (وقد ساعد الاتحاديين على نشر دعايتهم اللوج –أي المحفل الماسوني الذي كان مغلقا قبل الدستور...وبعد الدستور فتح المحفل أبوابه وجمع الأعضاء شملهم وأسسوا محفلا جديدا أسموه( نور دمشق ) وربطوه بالمحفل الاسكتلندي
ولكي نعرف مكانة المحافل الماسونية لدى أعضاء جمعية الاتحاد والترقي نسوق هنا اعتراف أحد أعضائهم (كان هناك نوعان من الأعضاء في الجمعية أحدهما مرتبط بالمحفل الماسوني وهنا كنا نطلق عليه اسم الأخ من الأب والأم وآخر غير مرتبط بالمحفل الماسوني فكنا نطلق عليه اسم الأخ من الأب فقط
وفي كتاب نشره الماسنيون في تركيا تحت عنوان-الماسونية في تركيا وفي العالم-يتحدث عن دور الماسونية في إنجاح حركة الاتحاديين ,وقد انتشرت الماسونية بشكل خاص في سلانيك وحواليها, ومع أن السلطان عبد الحميد-رحمه الله-حاول أن يشل ويحد الحركة الماسونية هناك إلا أنه لم يوفق في مسعاه وقد قامت هذه المحافل لاسيما محفل (ريزورتا) ومحفل (فاريتاس) بدور كبير في تأسيس وتوسيع حركة جمعية الاتحاد والترقي كما كان للماسونيين دورهم في اعلان الحرية سنة1908
لقد كانت فلسطين بيت القصيد وركن الزاوية وحجر الأساس في حركة الدائرة اليهودية ,وفي سبيلها حطمت الدائرة اليهودية وبمساعدة الدائرة الصليبية والاستعمارية آخر دول المسلمين ذلك أن رأس الأفعى إن أراد الوصول إلى أورشليم كان لا بد أن يمر عبر الأستانة التي كانت عقبة كؤود أمام صهيون على الطريق
لقد عملت ثلاث دوائر باتساق وتناغم وكأنها لوازم تشغيل جهاز التخريب حين تحالفت القوى الصليبية وواتها الفرصة للهجوم الذي بدأ يوم مؤتة ثم تبعه هجوم الصليبين واندحارهم يوم حطين ثم زاد الغيظ يوم دخل المسلمون مدينة (أم الرب) استانبول أو هكذا كانوا يسمونها –روما الثانية فعادت اليوم وواتها الفرصة للهجوم على الإسلام والمسلمين عبر المبشرين وأجهزة التنصير والتخريب الفكري
لقد كانت القوى الصليبية مدعومة بالقوى الاستعمارية التي حملت على الإسلام ما حملت من خلفية الهزائم المتلاحقة عبر قرون وها هي اليوم تعود وهي تدعم بالأساطيل والحروب والجواسيس والعملاء ذراعها الصليبي وحتى يكتمل ثالوث الحقد فقد انضمت لجوقتهم القوى اليهودية التلمودية في صورة الدونمة والماسون والكتاب والصحف والمحفل والنساء وبيوت المال وربما رجال دين كعالم السوء الباطني الماسوني(موسى أفندي كاظم) الذي أفتى بخلع السلطان عبد الحميد رحمه الله
لقد كان لكل من القوى الثلاثة مصلحة في إعدام وجود الخلافة وقد يختلفون على مصالحهم ولكنهم في النهاية متفقون على إنهائها فقد سيطر الألمان على تشكيل (تركيا الفتاة ) بينما سيطر الانجليز على اتحادي (مناستر) ودخل الماسون الموالون لألمانيا الحرب إلى جانب ألمانيا وبعد الهزيمة صنعت الماسونية الموالية لإنجلترا بالاتفاق مع كل القوى (الضم)الذي سيلغي الخلافة وتقتسم التركة وهذا الأمر يشرحه لورنس العرب في إحدى وثائقه السرية حيث يقول (مهما تمخضت عنه هذه الحرب-العالمية الأولى-فيجب أن تكون نتيجتها القضاء نهائيا وإلى الأبد على السيادة الدينية للسلطان التركي)لورنس العرب لزهدي الفاتح ص727
وإذا سألنا لماذا فإننا نجد الإجابة في تقرير لمسؤولين انجليزيين يقولون فيه بالحرف(من حق بريطانيا أن تنظر بعين الاهتمام إلى سقوط الإمبراطورية العثمانية الذي كان يعني دعوة خطرة بالنسبة إليها –يعني بريطانيا –خصوصا وأن هذه الإمبراطورية كانت عبارة عن وحدة دينية متماسكة يحكمها السلطان كخليفة للمسلمين وزعيم لمسلمي العالم)المصدر السابق
الرئيسية 
اليومية
