وكذلك نفسك لاتريك عيوب نفسك في هواها
النهي عن اتباع الهوى:
قال الله تعالى: " ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اعص هواك والنساء، وأطع من شئت. وقيل: للناس في قصة يوسف عليه الصلاة والسلام آيات أعظمها قوله تعالى: " إن النفس لأمارة بالسوء " . وقال بعض الحكماء: إذا اشتبه عليك أمران فانظر أيهما أقرب من هواك فخالفه، فالصواب في مخالفة الهوى؛ قال:
من أجاب الهوى إلى كل ما يد ... عو إليه داعيه ضل وتاها
النهي عن اتباع هوى غيرك:
قال الله تعالى: " ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل " . وقال: " ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون " . وقال: " ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه " . وقال بعضهم لرجل: إني أهوى أن تقتل فلانا! فقال له: إني لا أدخل النار في هوى غيري وإن كنت أدخلها في هواي.
ذم من اتبع هواه:
قال الله تعالى: " إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس " . وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه. وقيل: اتباع الهوى أوكد أسباب الردى. ووقع عبد الله بن طاهر إلى عامل له:
نفسك قد أعطيتها مناها ... فاغرة نحو مناها فاها
وقيل: إن قدمت هواك على عقلك لم تصب رشداً في حياتك، ولا أمناً بعد وفاتك، وأنشد:
إن الهوان هو الهوى جزم اسمه ... فإذا لقيت هوى لقيت هوانا
حمد مخالفته:
قال الله تعالى: " وإما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى " . وبعث ملك إلى عابد: ما لك لا تخدمني وأنت عبدي؟ فقال: لو اعتبرت لعلمت أنك عبد عبدي. قال: كيف؟ قال لأنك تتبع الهوى فأنت عبده وأنا أملكه فهو عبدي، فقال: صدقت. وقيل: سلطان من ملك الهوى فوق سلطان من ملك الدنيا.
ذم من يجهل نفسه:
قال أبو علي الوراق: آفة الناس قلة معرفتهم بقدر أنفسهم. قيل لبزرجمهر: أي العيوب أعظم؟ قال: قلة معرفة المرء بنفسه. المتنبي:
ومن جهلت نفسه قدره ... رأى غيره منه ما لا يرى
وقال سقراط: لا شيء أضر بالإنسان من رضاه عن نفسه، فإنه إذا رضي عنها اكتفى باليسير فعابه كل خطير.
مدح من يعرفها:
قال أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه: لن يهلك امرؤ عرف قدره. وقيل: أجمع كلمة قول الحكيم، أفضل العقل معرفة المرء بنفسه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من أراد الله به خيراً فقهه في الدين وعرفه عيوب نفسه. وقيل في قوله تعالى: " وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا " معناه: عرفناهم عيوب أنفسهم.
وقوف المرء على عيب نفسه:
قيل لحكيم: ما أصعب الأشياء؟ قال: معرفة الإنسان عيب نفسه، والإمساك عن الكلام في ما لا يعنيه. وقيل: قد يعرف نقص غيره من لا يعرف نقص نفسه، ولا يعرف نقص نفسه من لا يعرف نقص غيره، فآكل الثوم لا يجد نتن نفسه.
الحث على تدبر معايبك:
وقال لقمان عليه السلام: لا تدع النظر في مساويك كل وقت لأن ترك ذلك نقص من محاسنك. وقيل: كن في الحرص على تفقد عيوبك كعدوّك.
الحث على قذع النفس:
قال الحسن رضي الله عنه: أقذعوا هذه النفوس فإنها طلعة. وقال حكيم: لا ينبغي لحكيم أن يطلب طاعة غيره، وطاعة نفسه عليه ممتنعة.
أبو ذؤيب:
والنفس راغبة إذا رغّبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع
وقيل: العاجز من يعجز عن قذع نفسه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بأشدكم؟ من ملك نفسه عند الغضب.
النهي عن الركون إلى النفس:
قال الجنيد رحمه الله: لا تسكن إلى نفسك وإن دامت طاعتها، فإن لها خدائع وإن سكنت إليها كنت مخدوعاً. وقيل: من رضي عن نفسه سخط الناس عليه.
المسرور بأن عرف عيوبه:
قال عمر رضي الله عنه: رحم الله امرأ أهدى إلينا عيوبنا. وقال الحكماء: أنت لا ترى عيب نفسك فسل من ترضى عقله ونصحه يعرّفك. وقال رجل لمسعر: أتحب أن تهدي إليك عيوبك؟ فقال: أما من ناصح فنعم، وأما من شامت فلا. وقيل: ينبغي للرجل أن يكون مرآة أخيه تريه خيره وشره؛ قال الشاعر:
أصبحت في هيئة المرآة تخبرنا ... عيوبنا كل ما فينا من الكدر
ما جاء في الحزم والعزم وما يضادهما والظن والشك والتثبت والعجلة